الشارقة - فاديا دلا: فضاء المسرح لا يوازيه فضاء إبداعي آخر باتساعه ورحابته والحرية التي يمنحها ، في الأعمال الإبداعية الكبيرة، وكم يضيق هذا الأفق المفتوح بأشخاصه وبأحداثه حينما تضيع المعاني وتتوه الحركات ··وتثبط العزائم ··! فأما صدى الشق الأول من هذا الكلام سيجد حضوره في عمل المخرج المسرحي الإماراتي محمد العامري '' اللول ''· ينتمي عرض اللوال إلى الواقعية السحرية التي تقفز إليك كتسمية من أميركا اللاتينية لتحط الرحال في تراث الإمارات ، ولا مجال لتخصيص المفردة لأنها بعالميتها موجودة حيث يكون الإبداع موجودا ··ولا نبالغ إن قلنا أننا أمام قصيدة شعرية مكتوبة بحبر الماضي وذاكرة الحاضر ورؤيا المستقبل، وهذه الاحتفالية الشعبية التي ساهم حوالي الخمسين شخصا بين ممثل وفني في صياغتها حددت مشروع المخرج محمد العامري التراثي والذي يستقيه من نصوص مكتوبة بحرفية عالية يضمن من خلالها استمتاع الكبار بتذكر تلك الحكايات التي سمعوا عنها أو عاشوها، ويعرِف الشباب على تفاصيل الماضي الذي مهد لهم الطريق نحو حياة هانئة ·· يحرص العامري على أن يكون هناك احتفالية ما في العروض التي يقدمها عن التراث ولذا لا بد من وجود الطبل والزمار وجوقة المنشدين التي كنت أخالها قد قفزت من أحد عروض سوفوكليس او اسخيلوس وهم حليقو الرؤوس وذوي بشرة سوداء توحدهم الآه وتفرقهم أحقاد النوخذه ···ومن سار على ركبه · ومع هذه الإطلالة الاحتفالية يبدأ العرض بتفكيك شيفرة ليس فيها تعقيد كما أنها لا تتضمن البساطة، كل ما هنالك أن الوصفة التي ينجح العامري بتقديمها للمشاهدين تنطوي على مراقبته الدقيقة للأنماط الاجتماعية وسعيه الحثيث للتعرف على اكسسوارات هذه الأنماط والطريقة التي يتعاملون بها مع البشر والمآزق التي يقعون بها، وبالتالي يحتاج هذا النوع من العروض إلى معرفة موسوعية شاملة وهنا لا بد أن يكون رجل الدين حاضرا والأم والأنثى المضطهدة و النوخذة الجبار والبحارة الذين يكرهون البحر ويحبونه وشاعر يشاهد كل هذا ويروي ما يحدث عن طريق الكلمة، ونهام يغني فيجتمع الجميع على بحة صوته ·· وأمام هذا التنوع الاجتماعي الذي تضمنه عرض ''اللوال'' اعتمد المخرج على إيقاع الزمن ولعبة تبدل المكان ففرض إيقاعه المتناغم عليه، إيقاع ضمن نقل المشاهد إلى زمن آخر، وحالما يدخل المشاهد اللعبة فإنه يبدأ الغوص بحب في عوالم الشر والخير بآفاقهما الواسعة·وهنا لا بد أن نشيد بأن الإضاءة وفرت للعرض فرصة لتوسيع الهوامش الفنية والعوالم الحالمة والواقعية بكثير من الإحساس بالمسؤولية · ويبدو المخرج مهموما بنقل كل التفاصيل فلا يترك أي شيء لتفسير مغاير بدءا من ألوان اللباس وتفصيلاتها وانتهاء بالأغراض المسرحية والإكسسوارات البسيطة التي تتيح إقناعا بواقعية الحدث المسرحي · اللوال عرض يحمل بصمة النجاح والحب وكما ردد الحاضرون في أيام الشارقة المسرحية بأن ختام الأيام مسك وعنبر وحسب العامري أن يفوز بهذا الكلام وبتصفيق حاد حتى يكون بديلا عن أي جائزة أخرى هو حقا يستحقها ·